تقسم النفس البشرية إلى أربعة أجزاء : جسم وعقل وروح ووجدان ، معرفتنا بهذه المكونات الأربعة لدينا تمثل معرفتنا بذاتنا وقدراتنا. وهذه العملية تدريجية تستمر مع الإنسان طوال فترة حياته ، تبدأ من اللحظات الأولى لولادته بإثبات قدرته على التنفس. هناك من الناس من يحاول جاهدا أن يتعرف على ذاته بان يحاول أن يضع نفسه في مواقف عديدة محاولا أن يكتشف كيف يتصرف إزائها ، وهناك أيضا من لا يكلف نفسه عناء التفكير بما يفعله ، يترك الأمور تسير دون تحليل أو مواجهة ، ووعينا بقدراتنا جزء من معرفتنا لذاتنا، فكم منا حاول دخول سباق لمعرفة قدرته على العدو؟! ، وكم منا يعرف انه لا يتقن التمثيل ولكن كم منا يبحث وراء السبب ؟ وهكذا هي معرفتنا لذاتنا فهناك الكثير من التصرفات التي تصدر عنا ولكننا لا نبحث وراء سبب صدورها، فمعرفة الذات- للأسف – هي مثل كثير من الأمور التي نأخذها كمسلمات باستخفاف دون أن نحاول أن نتساءل بخصوصها. هي مثل معرفة أنى حب اللون الأبيض دون معرفة لماذا؟ ما هي دلائله ؟ إلى ماذا يرمز؟ وما الانطباع الذي يتركه على نفسيتي وشخصيتي؟ فكم منا يعرف تماما ما يحب؟ أو ما يكره ؟ كم منا يعرف تماما كل نقاط ضعفه؟ وكم منا يتقبل ذاته على ما هي عليه؟! كي تكون معرفتنا بذاتنا كاملة يجب أن تشمل معرفتنا بما نحب وما نكره . ما هي هواياتنا ، ما هي صفاتنا الجسدية والنفسية ، ما هي مميزاتنا وما هي نقاط ضعفنا، إلى أي فئة عمرية ننتمي وما هي خصائصها ؟ فمثلا أنا فلان عمري 16 سنة ، ذكر ، انتمي إلى فئة الشباب ، مميزات هذه الفئة .................. أحب السباحة والرياضة ، اكره التسلط والضجيج . ولكن هذا ليس بكاف ، فكلما خرجنا من نطاق العموميات إلى التفصيل كلما كنا على يقين أن رؤيتنا لذاتنا بدأت بالتبلور والتشكل . معرفتنا بذاتنا تعد ضرورة ملحة خاصة في حياتنا هذه الأيام ، حيث أن الحياة أصبحت سريعة وعلى الأشخاص الكثير من الواجبات ، مثل : الواجبات الدراسية والواجبات اتجاه الأهل وواجبات تجاه الأصحاب وواجبات لجمع النقود .........................علينا أن ننجزها جميعها في أوقات معينة ، جميعها ضرورية وملحة ، وجميعها لا تقبل التأجيل، وفي ظل كل هذه المتطلبات ، يضيع أو لا يبقى وقت لأهم متطلب وهو متطلب معرفة الذات . (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لبدنك عليك حقا) نستطيع أن نقدر أنفسنا بشكل أفضل إذا عرفنا قدراتنا فنصبح نقدر ما نستحق ونرفض ما يزعجنا ، فتقدير النفس يجعلنا نفرغ وقتا لمساعدة الآخرين ووقتا لمساعدة أنفسنا ، فبدلا من إرضاء الآخرين على حساب رضانا ، وإعطائهم ما يريدون وإهمال أو تأجيل ما نريد أو وضع الكثير من الأولويات وما نريد ليس من ضمنها ، معرفتنا بذاتنا تجعلنا نوازن بين طرفي المعادلة . انتهى